الخميس، 13 أكتوبر 2011

إسناد مهمة تبليغ المادة الجزائية الى المحضرين القضائيين

مقدمة:لقد شكل صدور المذكرة الوزارية رقم:197/2007 المؤرخة في 02/10/2007 المتعلقة بإسناد مهمة تبليغ التكليفات والأحكام والقرارات الجزائية الى المحضرين القضائيين.قفزة نوعية في مجال التبليغ الجزائي وذلك من خلال دعم أصول التبليغ وتحقيق التوازن في مراكز الخصوم وتكريس مبدأ الوجاهية للحفاظ على الحقوق والتقليص من صدور الأحكام الغيابية وكذا تخفيف الضغط على الجهات القضائية ,ومن هذا المنطلق جاء بحثنا هذا ليعالج هذا الموضوع من خلال التطرق الى ماهية التبليغ الجزائي الغاية منه وشروطه وإجراءاته ثم التطرق الى دور المحضر القضائي في عملية التبليغ الجزائي .فما هي اذن الغاية من التبليغ الجزائي وماهو دور المحضر القضائي في ذلك?
المبحث الأول : ماهية التبليغ الجزائي الغاية منه وإجراءاته:
المطلب الأول: ماهية التبليغ الجزائي:يقصد بالتبليغ الشكلية التي يتم بواسطتها إعلام المبلغ إليه بالإجراءات القضائية التي تتخذ ضده وتتجلى أهميته فيما يترتب عليه من آجال الطعن وحضور الجلسات وغير ذلك من الآجال الإجرائية، فالتبليغ إذن هو المفتاح الذي لا يمكن بدونه البت في المنازعات القضائية، لذلك تبقى الكثير من الملفات على رفوف المحاكم في انتظار استكمال إجراءات التبليغ. وأساس فكرة التبليغ هو مبدأ المواجهة الذي يقوم على مبدأ عدم جواز اتخاذ أي إجراء ضد شخص بدون تمكينه من العلم به وإعطائه الفرصة للدفاع عن نفسه، فهذا المبدأ هو مجرد تطبيق من تطبيقات حق الدفاع، والتشريعات الحديثة تجمع على إن المواجهة لا تحقق هدفها إلا إذا تم العلم بها في وقت نافع أي الوقت الذي يمكن فيه للخصم إن ينظم دفاعه بصفة كافية بعد التأمل والتروي. و في هذا الإطار ينص الفصل 116 من قانون المرافعات الفرنسي على إن القاضي يلتزم في جميع الظروف بان يلاحظ احترام الخصوم للمواجهة وان يلزم نفسه بها. و يفهم من النص المذكور الذي لا يتناقض مع روح التشريع الجزائري بان القاضي هو الضامن لاحترام المواجهة، فإذا ثبت إن المواجهة لم تتم وصدر الحكم بناء على ذلك فان الحكم يكون مشوبا بالبطلان. ولتطبيق مبدأ المواجهة يجب إن يتم التبليغ في الشكل الذي يفرضه القانون فالعلم يفترض بمجرد وقوع التبليغ بالشكل القانوني غير انه من المؤكد وجود علاقة بين شكل التبليغ والغاية منه وكشفه هذه العلاقة من خلال التعمق في فهم روح التشريع الذي من خلاله يتبين سلامة عملية التبليغ.
المطلب الثاني: الغاية من التبليغ الجزائي: إن الغاية من التبليغ في المادة الجزائية تتجلى من خلال حرص المشرع على دعم وحماية أصول التبليغ التي جاءت بصدور قانون الإجراءات الجزائية,أمر رقم:66/155المؤرخ في:08/07/1966 ,وكذا حماية حقوق المتقاضين سواء كانوا متهمين أو شهود أو ضحايا وغيرهم من الخصوم من أجل تحقيق التوازن الحقيقي في مراكز الخصوم وتحقيق مبدأ الوجاهية وبالتالي تخفيف الضغط على الجهات القضائية بمختلف درجاتها جراء كثرة المعارضات في الأحكام والقرارات الغيابية. كل ذلك يرجع لما ينطوي عليه دور المحضر القضائي عمليا في تسريع عملية التبليغ الجزائي المنصوص عليه في المرسوم التنفيذي:91/270 المؤرخ في:10/08/1991 المنظم لمهنة المحضر القضائي,وفق الشروط و الإجراءات المحددة قانونا.
المطلب الثالث:شروط و إجراءت التبليغ الجزائي :بالرجوع الى نص المادة:439 من قانون الإجراءا ت الجزائية نجدها تحيلنا الى قانون الإجراءات المدنية في القواعد العامة الى ما شمله نص خاص ,ومن هذا المنطلق نعدد مجموعة من إجراءات التبليغ تتعلق أساسا بالبيانات الأساسية لمحضر التبليغ:الوارد ذكرها بالمادة:407 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية وكذا المادة:440 من قانون الإجراءات الجزائية. وبالإضافة الى هذا الإجراء يجب على المحضر القضائي أن يمكن المبلغ له بنسخة من التكليف أو الحكم أو القرار محل التبليغ. بعد إمضاء المعني بمحضر التبليغ والتحقق من هويته.كذلك على المحضر القضائي إحترام الإجال القانونية في التبليغ بالنسبة للتكليفات أي منح مهلة العشرين يوما قبل تاريخ الجلسة ,وكذا ضرورة احترام وقت التبليغ المحدد من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الثامنة مساءا.وكذا الحرص على التبليغ الشخصي للمبلغ له اذا كان متهما.
المبحث الثاني : دور المحضر القضائي في عملية التبليغ الجزائي:
المطلب الأول: تبليغ التكليفات بالحضور: لقد شكل إسناد مهمة تبليغ التكليفات بالحضور الى المحضر القضائي بإعتباره عنصر مساعد للعدالة ,تحولا جذريا في زيادة نسبة التبليغ حيث أصبحت المحاكم تعج بالمتقاضين المبلغ لهم وحيث أصبح معظم الخصوم يتمكنون من التكليفات في الأجال القانونية ليحضروا أنفسهم بما فيه الكفاية قبل حضور الجلسات وهذا يكفل لهم المحافظه على حقوقهم كاملة .وكذا تحقيق التوازن في مراكز الخصوم.وكذا تجنيب الجهات القضائية الضغط جراء اهدار الوقت في التأجيلات للجلسات وكثرة المعارضات في الأحكام والقرارات الغيابية. ونحن كمحضرين قضائيين لاحظنا تراجع كبير جدا في صدور الأحكام والقرارات الغيابية في سنة 2009 وكذا 2010و2011 .كل هذا ان دل على شيء فإنما يدل على الدور الناجح الذي يؤديه المحضر القضائي في التبليغ للتكليفات بالحضور الجزائية.
المطلب الثاني تبليغ الأحكام والقرارات الجزائية: :بما أن المحضر القضائي نجح في تبليغ نسبة معتبرة من التكليفات الجزائية فإن هذا سيقلل كثيرا من صدور الأحكام والقرارات الجزائية الغيابية التي غالبا ما تكون محل تبليغ .ومع كل ذلك فإن المحضر القضائي نجح في تبليغ الإحكام والقرارات الجزائية سواء كانت غيابية أو حضورية اعتبارية او حضورية غير وجاهية وذلك من خلال منح أجال المعارضة المنصوص عليها في المادة:411 من قانون الإجراءات الجزائية أو أجال الإستئناف المنصوص في المنصوص عليها بالمادة:418 من قانون الإجراءات الجزائية.وهذا ما يشكل حفاظا على حقوق الخصوم وتحقيقا لمبدأ والوجاهية.من خلا ل المحافظة على مبدأ على مبدأ التدرج في درجات التقاضي لحماية الحقوق وضمان المحاكمة العادلة.

الخاتمة: لقد حقق المحضر القضائي نجاحا كبير في مهمة التبليغ للتكليفات والأحكام والقرارات الجزائية حيث لاحظنا الحضور المعتبر للخصوم بقاعات الجلسات والذي أثر بالإيجاب في نسبة صدور الأحكام والقرارات الجزائية الغيابية التي انخفضت الى مستويات دنيا وهذا ما لاحظناه مثلا على مستوى محاكمنا,التي كانت جل الأحكام تصدر بها غيابيا حتى نهاية سنة 2007 مما يدل على عدم تمكن الخصوم من التكليفات.لكن خلال سنوات:2008, 2010,2009 و2011 أنحفضت هذه النسبة كثيرا.ورغم كل هذا النجاح فإن المحضر القضائي يواجه عمليا إشكالات وصعوبات عدة,منها شرط التبليغ الشخصي للمتهمين ,وكذا الأخطاء في الهويات والعناوين والتي ترجع في اعتقادنا الى التصريحات المزيفة للموقوفين في المخالفات المرورية أمام عناصر الضبطية خاصة في حال عدم توفرهم على وثائق الهوية أو اخفائها,بالإضافة الى عدم توفر الأجل الكافي للتبليغ للتكليفات بالحضور في بعض الأحيان. كل هذا يشكل احد أهم الإنشغلات لدينا كمحضرين قضائيين والتي نرجوا أن تؤخذ بعين الإعتبار مستقبلا.

المراجع

ـ المذكرة الوزارية رقم:197/2007 المؤرخة في 02/10/2007 المتعلقة بإسناد مهمة تبليغ التكليفات والأحكام والقرارات الجزائية الى المحضرين القضائيين
ـ المرسوم التنفيذي:91/270 المؤرخ في:10/08/1991 النظم لمهنة المحضر القضائي
ـ أمر رقم:66/155المؤرخ في:08/07/1966 المتظمن قانون الإجراءات الجزائية.
ـ قانون رقم08: ـ09 المؤرخ في:25/02/2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

الوادي في:13/10/2011

الأستاذ:مكناسي فتح النور

محضر قضائي بمجلس قضاء الوادي